33
/
AIzaSyAYiBZKx7MnpbEhh9jyipgxe19OcubqV5w
August 1, 2025
3731745
950219
2

هارون الرشيد (jan 1, 766 – jan 1, 809)

Description:

أمِيرُ المُؤمنين وخليفةُ المُسلمين الحاجُّ العابد والإمامُ المُجاهد أجلُّ مُلوك الدُّنيا أبُو جعفر هارُون الرَّشيد بن مُحمَّد المَهْدي بن عبد الله المَنْصُور بن مُحمَّد بن علي بن عبد الله بن العبَّاس بن عبد المُطَّلب الهاشميُّ القُرشيُّ (1 مُحرَّم 149 – 30 جُمادى الأولى 193هـ / 19 فبراير 766 – 24 مارس 809م)، المعرُوف اختصارًا باسم هارُون الرَّشيد أو بلقبه الرَّشيد. هو خامس خُلفاء بني العبَّاس، والخليفة الرَّابع والعشرُون في ترتيب الخُلفاء عن النَّبيُّ مُحمَّد. حكم دولة الخلافة العبَّاسيَّة منذ يوم 15 ربيع الأوَّل 170هـ / 14 سبتمبر 786م حتى وفاته في 30 جمادى الأولى 193هـ / 24 مارس 809م.

وُلد هارُون بن مُحمَّد في مدينة الرَّي من إقليم الجِبال، مُتلقيًا تعليمًا جيدًا في صباه، فأحب العلم والأدب، وتدرَّب على الفُروسيَّة والفُنون القتاليَّة. ولَّاه أبوه المهدي ولاية العهد بعد أخيه مُوسى الهادي اثر نجاحه في حملته الأُولى على الرُّوم، ثم أرسلهُ لقيادة حملة جهاديَّة ثانية وكانت أكبر تأثيرًا من الأولى، فقد وصلت أفواج الجيش الإسلامي إلى خليج القسطنطنيَّة ما أجبر الإمبراطُورة إيرين الأثينيَّة للمُسارعة في طلب الصلح ودفع الجزية لثلاثة سنوات. وبسبب قُدرات الرَّشيد وانتصاراته وإخضاعه لأعداء الخلافة، قرَّر المهدي تقديم ولايتَه على الهادي، غير أن المنيَّة عاجلته أثناء مسيره نحو خُراسان لعزل الهادي، ليُصبح الأخير خلفًا له في قيادة الدولة العبَّاسيَّة. حاول الهادي عزل أخيه الرَّشيد عن ولاية العهد لصالح ابنه جعفر، وسعى في ذلك وتشدَّد بهدف الضغط عليه مرَّات عديدة، ففشل في تحقيق ذلك ليتوفى بعد سنة من حُكمه.

بُويع الرَّشيد خليفةً بعد الهادي، وعمره 21 عامًا في سنة 170هـ / 786م، ليرث بلادًا مُترامية الأطراف، وامتد أرجاء حُكمه من بلاد ما وراء النَّهر والسِّند شرقًا حتى إفريقية غربًا، ومن اليمن جَنوبًا، حتى أرَّان وبلاد الكُرج شمالًا، فحكمها في البداية بالتعاون مع وزيرِه يحيى البرمكي، وأطلق للبرامكة يدهم لإصلاح شؤون البلاد، فقاموا بذلك على نحوٍ ممتاز خاصةً في العقد الأول من حُكمه. واجه الرَّشيد تحدِّيَات وثوراتٍ انفصاليَّة عديدة عليه، ومنها خروج بعض العلويين عليه، مثل يحيى بن عبد الله في الدَّيلم، وظهور دولة الأدارسة في بلاد المغرب الأقصى، كما ظهرت ثورات خارجيَّة كثيرة مثل الصَّحصح، والحُصين، وأهمُّهم الوليد بن طريف الشَّيباني لقربه من حاضرة الخلافة. برزت فتنةٌ قبليَّة في الشَّام، وعانت مصر من ثورات واضطرابات في بعض الأحيان بسبب السياسات الضَّريبيَّة. تمكَّن الرَّشيد من إخماد معظم هذه الثَّورات والاضطرابات التي خرجت عليه في عهده، من التعامل معها عبر سياساتٍ حكيمة إلى توجيه حملاتٍ عسكريَّة صارمة.

قام الرَّشيد بتعيين ابنه الأمين وليَّ عهد من بعده بسبب إرادة الهاشميين، إلا أنه كان يُميل في الحقيقة إلى المأمُون لحزمه ورجاحة عقله، وبسبب ذلك، عقد للمأمُون بعد الأمين، وكان ذلك بمثابة نذير شُؤم بين الناس. وبعد سبعة عشر عامًا من إشراك البرامكة في حُكم البلاد، ولأسباب عديدة تراوحت بين أقلام المُؤرخين، قام الرَّشيد في سنة 187هـ / 803م، بإنهاء نفوذهم بين ليلةٍ وضُحاها، فسجنهم ونكَّل بهم، ليتفرَّد بالخلافة وحده ويستعيد السُّلطة التي احتكرها آل برمك.

ومن الأحداث الشَّهيرة في عهده، إرسال الإمبراطور البيزنطي نقفور الأول رسالةً مليئة بالاستهزاء إلى الخليفة، مُطالبًا إياه بإعادة الأموال التي دفعتها الإمبراطورة السَّابقة، فغضب الرَّشيد، وتوعَّده بما سيراه لا ما سيسمعه، فقاد جيشًا كبيرًا في سنة 190 هـ / 806 م، وتوغَّل في آسيا الصُّغرى التابعة للرُّوم، ففتح هِرَقلة ودخل الطوانة، ليسارع نقفور في طلب الصلح، ودفع الجزية عنه وعن أولاده وشعبه، وتعتبر هذه الحملة كفيلة بتهدئة الجبهة مع الرُّوم عشرين عامًا قادمة. تمكَّن الرَّشيد من فرض سُلطته في كل مكان من أنحاء دولة الخلافة، حتى قال مقولته الشَّهيرة حينما رأى السَّحاب فوقَه: «اذهبي حيثُ شئتِ يأتني خراجك»، لتبلغ الخلافة العبَّاسيَّة في عهده ذروة مراحل قُوتها.

تعددت أقوال المُؤرخين حول أخلاق وصفات الرَّشيد، وأجمع الكثير حول فصاحته وبلاغته، وحبه للعُلماء والفُقهاء وتعظيمه لحُرمات الإسلام وكراهيته الاستحداث في الدين أو الاستهزاء فيه. كان يصل العُلماء ويغدق عليهم ليدعم علمهم وحلقات تدريسهم، واشتهر منهم سفيان بن عيينة، والفضيل بن عياض، وإماما أهل السُّنة والجماعة، مالك بن أنس، ومُحمَّد بن إدريس الشَّافعي وغيرهم. ويُروى أنه كان يُصلي في اليوم مئة ركعة ما لم يكُن مُعتلًا أو مريضًا. لم يكُن الرَّشيد جبارًا في الأرض، فعلى الرَّغم من مكانته خليفة المُسلمين وهيبته في نفوس الناس وتعظيمهم إياه، إلا أنه كان في بعض المواطن رقيق القلب، سريع الدمعة، يبكي إذا وقع الوعظ في نفسه وعلى إسرافه في ذنوبه. أدى الرَّشيد تسع حجَّات، واحدة منها على الأقل مشيًا على قدميه من بغداد حتى مكَّة المُكرَّمة، وكان نذرًا لتخلُّصه من البرامكة إذا لم تثر البلاد عليه.

في حين ومن جانبٍ آخر من شخصيَّته، ينقل المُؤرخون حُب الرَّشيد لمُنادمة الشُّعراء والأدباء والمُغنين، فكان يطرب لأجواء الغناء ومجالسها، وخاصةً مع نديمه جعفر البرمكي، وابن أبي مريم وغيرهم على اختلاف الفترة الزمنيَّة من حُكمه. من الشُّعراء الذين حضروا في مجالسه: الأصمعي، وأبو العتاهية وغيرهم. بينما كان من المُغنين على رأسهم إبراهيم الموصلي، وأخيه إبراهيم بن المهدي. كانت هذه التفاصيل محل اهتمامٍ من قبل المُؤرخين والباحثين في سيرته، في حين أنه كان محل انتقاد من قبل الفُقهاء لحساسية منصبه ومسؤوليته. وبسبب كثرة الأقلام على الرَّشيد، فقد تباينت الآراء حوله، مما تسبب بنشر الشَّائعات عليه في بعض الأحيان. وهو أوَّل خليفة لعب بالشَّطرنج وبالصَّوالجة والكرة.

دعم الرَّشيد العلوم والفُنون بشكلٍ كبير، فكان واضحًا جليًا في عصره، فمن توسُّع العاصمة بغداد وازدهارها التجاري، إلى إنشاء بيمارستان، وبناء أول مصنع للورق في بغداد، ودعم أساس بيت الحكمة فاتحًا أبوابها لطُلَّاب العلم، فضلًا عن اهتمامه بحركة التَّرجمة من اللُّغات المُختلفة إلى اللُّغة العربيَّة، كانت جميعها كفيلة بإظهار التقدُّم العلمي والازدهار الثَّقافي الذي شهدته الخلافة في عهده، وخصوصًا العاصمة بغداد. يُعد هارُون الرَّشيد أحد أكثر الخُلفاء المُسلمين شُهرةً حول العالم، وأكثرهم ذكرًا في المصادر الغربيَّة، ويعود ذلك إلى كتاب ألف ليلة وليلة، والوفود المُرسلة من ملك الفرنج شارلمان لفتح علاقاتٍ ودية مبنية على مصالح عديدة، وإرسال الرَّشيد ساعة مائيَّة إليه، فكانت اختراعًا لم يعتدْه الغرب، غير أن المصادر العربيَّة والإسلاميَّة لم تذكر شيئًا عن هذه العلاقة.

مرض الرَّشيد في أثناء سيره لمُحاربة رافع بن الليث، والذي كان واليًا في البداية إلا أنه قاد انتفاضة على الخلافة العبَّاسيَّة في بلاد ما وراء النَّهر، وازدادت علَّته حتى وصل إلى طوس، ليتوفى في سنة 193هـ / 809 م، وكان عمره 43 عامًا، ليخلفه ابنه محمد الأمين، إلا أنه انشغل عن أعباء الحكم، وخلع أخيه المأمُون المُقيم في مرو من ولاية العهد لصالح ابنه مُوسى، ما تسبَّب بإشعال حربٍ بين الأخوين لنحو ثلاثة أعوام، ولم تنتهِ إلا بمقتل الأمين في سنة 198هـ / 813 م، ودمار أجزاء واسعة من بغداد جراء الحصار من جيش المأمُون. حكم بعدها المأمُون واستأنف بناء بغداد وأكمل عصر النَّهضة والازدهار الذي بدأه الرَّشيد، لتبلغ الدَّولة في زمنه مبلغًا كبيرًا من عصرها العلمي والثَّقافي الذَّهبي.

Added to timeline:

Date:

jan 1, 766
jan 1, 809
~ 43 years